اجتمعت عليك همومك....؟؟ وتفرق قلبك في كل واد وتفكيرك..؟؟ احترت فيما نزل بك ...وما أشكل عليك....؟؟ اغلقت الأبواب في وجهك أينما اتجهت..؟؟ ضاقت عليك الأرض بما رحبت...؟؟ أنت ضعيف ...أنسيت ذلك...؟؟ اتريد الحل...؟؟ فوض أمرك إليه ..... فهو معنى التوكل عليه.... اعترف بأنك لاتملك حولا ولا قوة ولا علما.... وأن الله كافيك وقائم على أمورك ومصالحك... ليلقى قلبك بين يدي ربك ...ومولاك والعالم تحت بأمرك..... كاالميت منطرح بين يدي الغاسل يقلبه كيفما يشاء... واسترسل مع الله فيما قدره لك وقضاه... وسلم لمولاك وأعلن رضاك ... وردد : ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَـادِرُونَ ) أخي ...أختي... إن توكلك على الله ليس باللسان .... بل برضاك عن ربك بما فعل بك...... تعلق وتمسك به في كل حال لا في الشدائد فحسب .... بل ايضا في النعم إذ يرزقك من حيث لا تحتسب... سبحان الله...أتشك أن الله لا يختار لك ما هوأفضل و أصلح بك...؟؟ إن هذا لا يليقولا يصح مع الملوك ...فكيف بملك الملوك...؟؟ حرك جوارحك واعمل الأسباب الظاهرة ... ولكن ليسكن باطنك ... برضاك عن ربك.. أخي ...أختي... لا توكل صحيح بدون عمل بالأسباب وإنما المطلوب : قطع كل علائق القلب بغير الله ....وأن تبذل الأسباب... توكل عليه....وستجد ما وعدك به... وسلم له...وسترى فعله...وفوض أمرك إليه وستشاهد حكمته... أخي ...أختي... إن بداية الطريق إليه...وشرط التوكل عليه أن تعرف الله حقا إذ كيف تتوكل على من تجهله...؟؟ فهل عرفت قدرته...؟؟ وهل عرفت كفايته وقيوميته... هل عرفت أن الأمور تبدأ منه وتنتهي إليه.. وهل تعلم أنه لا يكون شئ إلا بعلمه وحكمته...؟؟ وهل تعلق قلبك بأسمائه وصفاته... تأمل وعلق قلبك بصفات ربك : الفتَّاح الوهَّاب الرزَّاق المعطي العفو الرحيم التواب ستكتشف بعدها أنك : كلما قويت معرفتك بالله قوي توكلك عليه... أخي ...أختي... إن من شرط التوكل أيضاًُ : أن تعمل بالأسباب ولا تنفيها ... فقد قضى الله عزوجل بحصول أي أمر لك إذا فعلت سببه.... فقد قضى بالشبع لمن أكل وبالرِّي لمن شرب.. فمن اعتمد على الأسباب ضل وزل.. إذ لم يعتمد على الله عز وجل... ومن أنكرها و نفاها لم يعرف طريق التوكل على الله... بل اتهمه في عقله.... أخي ...أختي... من شرط التوكل عليه : صحة التوحيد وسلامة المعتقد... فبقدر توحيد القلب.... يكون التوكل على الرب.... ومتى توجه القلب لغير الله.... وكله إليه الله... أخي...أختي... متى يسكنويهدأ قلبك .... راضيا عن ربك فيما قضى لك...؟؟ إذا الدنيا أقبلت إليك فلا تبالي بها ولا تتعلق بها ...!!! فقد وكلَّت ربك في تدبير شؤونك... وإذا أدبرت عنك وولت وتخلت.... فاعلم أنك وكلت من بيده خزائن السماوات والأرض.. يا أيها المتوكل الراضي عن ربه...تذكر أنك في حفظ الله وحصنه.. فلماذا يضطرب قلبك عندما ترى عدوك...أنسيت أنك في الحصن..؟؟ أخي ...أختي.. أتذكر أيام طفولتك...!! لقد كان حال طفولتك خير من حال شبتك وقوتك ؟ كنت لا تعرف شيئا تأوي إليه إلا ثدي أمك.. لقد وثقت به وتوكلت عليه.. واليوم لا تعرف كيف تأوي إلى ربك..؟؟ وقد عقلت دينه ...وعلمت قدرته...!!! سبحان الله ....!! ما قل توكلك على الله إلا بسوء ظنك بالله... وما قوي توكلك إلا بحسن ظنك في ربك... فأحسن الظن فيه...يكن عند ظنك به... أخي...أختي... هيا استسلم وسلم لله فيما دبره لك وفيما فعله بك... واعمل ما أمرت بفعله واترك ما دعاك لتركه... تكن متوكلا عليه راضيا به... شاهد طفلك ... كيف تعلق بك ووكل كل أمره لك... فضعفه وقلة حيلته وعجزه جعله يفوض فيك أمره... ولعلمه بشفقتك به ورحمتك وحسن كفايتك وولايتك.. أعظم من عنايته هو بنفسه.. فكن هكذا مع ربك.... وفوض له جميع أمرك... وتذكر الطير في السماء وتوكله على الله.. قَالَ رَسُولُ الله: «لَوْأَنَّكُم كُنْتُم تَوَكَّلُون عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِه لَرُزِقْتُم كَمَا الطَّيْر تُرْزَق تَغْدُو خِمَاصا وَتَرُوح بِطَانا» . أخي ...أختي... لمحة خاطفة سريعة... في سيرة صاحب الشريعة.. دعنا نتأمل ما قاله سيد المتوكلين على الله .... رسول الله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستخارة : (اللَّهم إني أستخيرك بعلمك، وأستَقدِرك بقُدرَتِك وأسألُك من فضلكَ العظيمِ، فإنَّكَ تَقدِر ولا أقدِرُ، وتَعلم ولا أعلَمُ وأنتَ علاَّمُ الغُيوب. اللَّهمَّ إن كنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري ـ أو قال: عاجِل أمري وآجلِهِ ـ فاقدُرْهُ لي، ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ باركْ لي فيه. وإن كنتَ تَعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري ـ أو قال: في عاجل أمري وآجله ـ فاصرِفهُ عَنّي واصرفني عنهُ، واقدُر لي الخيرَ حيثُ كان، ثمَّ أرضني به ) انظر إلى التوكل منه قبل الفعل .... والرضا منه بعد الفعل... انظرالى التبرؤ من الحول والقوة والعلم... نعم لقد توكل عليه في كل شئ صلى الله عليه وسلم... انظر إليه يقوم بالأسباب الواجبة عليه والمنوطة به .... ثم يمد يديه : ( اللهم انت الصاحب في السفروالخليفة في الأهل ) وها هو يقوم ليله مناجٍ ربه: (اللهمَّ لك أسلمتُ وعليك توكلتُ وبك آمنتُ وإليك أنبتُ ) وكَان إذَا ركَع قَالَ: «اللَّهُم لَك رَكَعْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت وَعَلَيْك تَوَكَّلْت أَنْتَ رَبِّـي خَشَعَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَدَمِي وَلَحْمِي وَعَظْمِي وَعَصَبِـي للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ». وكان يقول : «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ. وَبِكَ آمَنْتُ. وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ . وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ. وَبِكَ خَاصَمْتُ . اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي. أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ. وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ». كان إذا خرج من بيته قال: «بِسْمِ الله تَوَكَّلْتُ عَلى الله، اللّهُمَّ إنّي أَعُوذُ بِكَ مِن أَن نَزِل أَو نَضِل أو نظلم، أَو نُظْلِم، أَوْ نَجْهَل أَو يُجْهَل عَلَيْنا» . أخيراً... ربي اجعلنا ممن توكل عليك برحمتك يا أرحم الراحمين وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِي |